Tuesday, February 3, 2009

غبار بارد نسبياً

يا الله لم أكن أعلم إني أكره الذكريات لتلك الدرجة ، لم أكن أعلم أني أمقت ضجة ممارساتك لتلك الدرجة، لم أعي أن ثمن السعادة بتلك الحرقة المؤلمة.... شعرت اليوم أني شديدة الوحدة بحق ، لأني فقط تمنيت أي خيال ظل كان يسير بجانبي أن يكون ظلك أنت
وهمسات البشر من حولي تمنيتها مغلفة بنكهة فمك ... رغم تلك الهالة الضخمة والوجوه التي كنت على وشك أن أنساها كنت اتمنى أن يتخلل كل جموع البشر تلك طيفك بابتسامة جميلة ومفاجأة كبيرة بأنك تحتضيني بقلبك قبل يديك
بعدك هلاك ، بصدق ... لم أكن أعلم أني بهذه الوحدة الموحشة ، وأني حقاً بلا سند حقيقي دونك ... لم أكن أعي أن دموعي قريبة لدرجة الحميمية للعالم الخارحي .... سرت طوال تلك الساعات بزجاج يحجبني عن كل ما كنت أتمنى أن استمتع به اليوم وظلت نغمات صوتك تحوم حولي كـ شبح مزعج يستفز سكون حزني
كامن هو حزني ، كـ فايروس قاتل لحظة كمون ..... يالله كيف لي أن أقاوم دمار كياني ، وأنا أرى أجزاء منك حولي في كل مكان ... أحتضن الوسادة ، لأرى عليها بقع صغيرة من دموعي ، بعد أن أخترقت رائحة عطرك أنفي ... مازلت عالقة في الوسادة ... كل تفاصيلك تقتلني ... تثبت لي أني ضعيفة جداً ، وهشة جداً .. دونك ... أرى صورتك في مرآة الحمام في كل مرة أرفع وجهي فيها ، أراك تميلين بكل جسدك .. امامها تقومين بحركات متتالية أوتوماتيكية متقنة برسم خط رفيع من الكحل الناعم فوق جفنك,... وأنت تخبرينني أنك ستنتظريني اليوم في آخر نصف ساعة من عملك أمام المكتب ، لنقوم بجولتنا اليومية في مقاهي وسط البلد... أراك تنامين خلفي وتلصقين وجهك في ظهري بـ سروال قطني أبيض قصير ، و قميص بحمالات رفيعة يحوي وروداً فيروزية بسيطة ... كل تفاصيلك محتفظة بمكانها هنا ...
أرى أدوات الرسم الخاصة بك في صندوق قديم مطلي باللون الأسود خلف باب الغرفة ، وأغلفة ألواح الشكولا المفضلة وكيف كنا نحتفظ بها لنتذكرها بعد فترة ، أراك في كل مكان بجانبي ... رغم اني وحيدة الآن والمنزل مظلم وهاديء جداً ، بـ رائحة غبار نسبية ، إلا أني أسمع صوت أغنيتك المفضلة لإديت بياف تصدح : "

no rien de rien
أرى علب أحمر الشفاة الخاص بك ملقى في أدراج الخزانة ، فارغ بـ رائحة نفاذة قوية تذكرني بكل الحقائب المفضلة لديك .... لا تخلو منه ، سكارف إيطالي طويل يحوي ألوان متنوعة أرجوانية ممزوجة باللون الفيروزي ، وأذكر أيضاً إنك لم تردتيه مطلقاً
يالله ، كيف لي أن أتجاهل كل ذلك ، ولا أبكي .. كيف لي ان أرى إطار الصور الذي كنت تهوين جمعها من البازات وصور أوراق البردي الأصلية؟ أذكرك تخبرينني أنك ستصممين ركناً خاصاً بكل تلك الأشياء حين تستقرين في مكان ما ، وتبنين فيه غرفة صغيرة خاصة بك لأول مرة ... أذكرك وأذكر العطور الأصلية المركزة التي أنفقتي عليها كل نقودك دون أدنى شعور بالذنب .... أذكر أيضاً حين أخبرتك إني سأبكي حين أتذكرك .. كأني كنت أعلم بحدوت لحظة مماثلة... أذكر أنك أخبرتني بصوت واثق :" لا تبكِ أبداً على لحظات شعرتي فيها بالسعادة ، فـ ذلك يكفي ، ولا تبكِ علي أيضاً ... فأنا لم أمت.. " كنت محقة بقولك... لم ولن تموتي أبداً ... بداخلي
أكره الذكريات حقاُ أو ربما أكره السعادة بتعبير أدق

No comments: