Tuesday, October 21, 2014

عن إمكانية نزع الهواء.

أتذكر جيدا تلك التجربة البسيطة التي كنا نجريها في مختبرات المدرسة الابتدائية، أتذكر الناقوس ، والجرس الصغير المحتجز بداخله أتذكر كيف كنا نفرغ منه الهواء، وكيف كنت استمتع بمشهد الجرس الراقص في صمت.
حين أجوب الطرقات الوعرة ، بذلك ألكم الهائل من البشر المتكدسة يميناً ويساراً ، ذلك العدد المهول من السيارات التي تعترض الطريق، الدراجات الهوائية المتهالكة ً والنارية التي تبث قدرا عظيماً من العادم مباشرة إليك. 
الشارع أمامي يبشر بعدد لا باس به من مدرعات الأمن المركزي، وجوه الطلبة البائسة التي تنم عن جهل يائس بمستقبل لا يختلف كثيرا عن حاضرنا ، محاصرون امام منافذ صغيرة للتفتيش. 

قتتلعني غصة عنيفة حين أعيد كل ذكرياتي عن تلك المدرعات وسيارة الترحيلات.

تدريجيا اشعر ان قواي خارت ، اشعر أني ما عدت قادرة على اثارة الغصب او التعبير عن الضجر، انظر للمرآة العاكسة للصورة الخلفية وارى حافلة ضخمة مكتظة بالبشر كجثث بالية ، تبوح بنفير مدوي قبيح يليق تماماً بالمشهد ، بشكل مستمر وبلا انقطاع.

أعود وأتذكر تلك التجربة البسيطة من الطفولة ، واتخيل لو كان بإمكاني ان انزع الهواء ، واستمتع بتلك الصورة بديعة القبح في صمت مطبق، ان ارى كل تلك الوجوه العابسة بلا تعبير صوتي.

الروتين اليومي يمتحن إنسانيتك بصدق، كما لو كنت تستطيع  فعلا بعد تخطي العقبات اليومية ان تبتسم في وجه متسول ، او حتى تصطنع الحياد.