أفكر للحظة ، ماذا لو أستطعت أن أضع حداً لكل تلك الأفكار المتعلقة بفنائي ؟ أتخيل ذاتي الآن شخصاً ما من الماضي ، ككل هؤلاء الأشخاص الذين مضوا وتركوا لنا أياماً ملئية بالذكريات ، والتي عادة ما تكون مؤلمة ... لماذا ؟ لأننا لا نتذكر منها سوى الذكريات السعيدة ! ؟
لا اعرف تحديداً كيف تركت ذاتي أنفصل بتلك الدرجة عن الماضي ، وكأني قررت أنه قتل ، بالأمس كنت أحدق بنافذة القطار ، بالخط المستقيم الواصل بين لحظة مغادرتي حتى ووصولي ، وأتذكر كيف أني دون ان أقرر فعلياً لم أزر يوماً غرفتي القديمة ؟ أو سكان بنايتنا ؟ البائع الإيراني ؟ أو حتى متجر الكتب وصاحبه البوذي الذي عرفت لاحقاً انه قد باع المتجر ورحل ؟
كيف قررت دون وعي ألآ اعود مطلقاً إليه ، بعد كل تلك السنين الطويلة التي قضيناها معاً ؟ كيف أمكنني أن أتناسى الحوائط البيضاء القديمة التي طليتها بذاتي ورسمت عليها ؟
أعتدت على ان أرسم على الجدران فعلاً ، دون تردد كما الآن ، دون أن أفكر ما إذا كانت رسوم جيدة ام لا ، فقط كنت أرسم ، وأتركها تجف ...
أتخيل الآن للحظة ، أني لست موجودة ..... الموت يبدو شهياً للأحياء ، لكن أحداً لا يعرف كيف يبدو للشخص الراحل ، لا اعرف أن كنت سأشتاق لمذاقات معينة أو اشخاص معينين .. لا أعرف أن كنت للحظة سأرغب لأخبر شخصاً ما شيئاً كنت أود بأخباره ، لا أعرف أن كنت سأتمنى لأعود فقط ، لمشاركتك فنجان قهوة أو حديث سري طويل ...
لست متأكدة أن كنت سأشك في ذلك حتى ، فأنا كل طيلة هذه السنوات لم أفكر بالعودة ، فقط أكتفيت بالتكيف الزائف الذي أمارسه الآن في بلد أمقتها كلياً
للحظة ، أفكر في شكل وحجم الفجوة والألم الذي سأتركه ، فـ الكل مبرمج على أن يشعر بهذه المشاعر حين يعلم برحيل أحدهم
لكن ماذا بعدها ، سيمضي كلٍ بألمه ، دون أن يلتفت ، تماماً كما فعلت أنا
أفكر الآن في أني يمكنني أن أرسل لك قبلها بطاقة بريدية تحمل صورة فوتوغرافية قد تراها أنت مميزة ، واتخيل كيف من الوارد أن تزيحها جانياً بحركة يدك التي اعرفها جيداً وتمضي في عمل ما أكثر اهمية ... أو ببساطة تتركها أمامك شهور لا تثير أي شيء من أهتمامك الخاص
في تلك الفترة سأكون أنا محدقة انتظر منك أشارة ..آملةً في الرحيل