لا اعيش بعالم ملئ بالشموس ... بل هي واحدة تطل علي ... وعلى ملايين غيري في نفس الوقت ..اراها معتادة وروتينية ... ومستسلمة للقانون الالهي .... ان تظهر كل يوم ... من نفس المكان ....
ينسكب التغيير كله في قالب رؤيتي بالقمر...ان يظهر ... ويختفي ...
ويكسو نفسه باشكال عده ... اختلقنا الفاظ لوصفه ... بل اسمينا شهور حياتنا تبعا لحركته ...
الا يعد ذلك اعتراض على القانون الالهي ؟ ؟ ......
اذكر في طفولتني ... اني قررت ان اقوم بـ احصاء كل تلك الليالي التي عشتها بلا قمر ظاهر في ذلك الجزء الضيق من السماء الذي اراه عبر نافذتي
واذكر جيداً... كيف كنت اتوقع الملل ... كالذي يقوم بعد النجوم ... ليغالبه النعاس...
تعلقي بتلك الليالي .. كانت لاسباب مجهولة بالنسبة لي ... لم اكن ارى الليل اسود ... بل كنت اراه تلك الدرجة الداكنة جداً من الازرق والتي توحي لي ... بالهدوء لا الكآبة ...
تبدو السماء ركن احادي الاطارف... ربما ... هو ثلاثي الاطراف ... اراها من طرف نافذتي ... من شق صغير يكفي احدى عيني ... وطرف الستارة يعيق رؤيتي ...لكني اقاوم ...
لم افكر يوما بفتح النافذة كليا ً لاخد صورة اوضح ... لم يكن يمثل لي اي غموض .. بل اني كنت اكره منظر النافدة الرباعي ... الذي يشعرني بالعراء ... ويبقيني صغيرة امام كل تلك البنايات العالية ...
اعود واذكر....سماء صغيرة ... شق ضيق ... وجه صغير مختبئ بين ركن نافذة واطراف ستارة ... رائحة رطوبة ... أمطار كثيفة بالخارج ... وقمر .... بدر
في تلك الليالي ... اواخر الشتاء وبداية مشارف الربيع ...تكثر الامطار... حين كنت الصق وجهي بالنافذة واتحسس برودة الجو خارجاَ ... ارى تلك الخطوط المنحنية التي تنزلق من على زجاج نافذتي بسرعة كـ القطار ارى كيف كانت انفاسي تسبب ضباب يشوه الرؤية .. ... كنت ارى القمر يهتز ... ويرتجف ... أكان يخاف المطر؟ ....
لفترة ليست قصيرة كنت اعتقد ان القمر كرة من القطن ... كـ الذي أراه في غرف التمريض
ولذلك السبب هو كان يخشى المطر....بخشى البلل.... تلقيني ذاكرتي لـ مشهد ممرضة ذات يدين جميلتين ... تغمس كرة قطنية في وعاء به ماء ذو رائخة نفاذة ....
لذلك خشي القمر المطر....
بعيداً عن الطفولة وان افكارها ... التي تبدو كـ طفيليات ... لا فائدة منها سوى العيش على زواياك الفارغة .... كنت ادرك وقتها اني سأتغير ...
كنت اعتقد اني سأتغير لا لسبب سئ او جيد .... بل لمجرد .. اني سأبتعد عن الماضي... وسأقابل مستقبل اطلق عليه حاضر.... كنت اشعر اني قيد التصنيع ... لم اكتمل بعد .. لكني حتماً لست بناقصة ...
لكن القمر لا يبتعد كثيراً عن الماضي ولا ينتظر مستقبل ... بل يعيش دوماً الحاضر ...
كان القمر قد تم خلقه ... وبرمج هونفسه من تلقاء نفسه ...
لمَ لم اعد اراه كرة قطنية ؟ لمَ اشتاق من الان لرائحة المطر... ولمشهد و رؤية كونية مترجفة؟
اراني ابتعدت كثيراً عن ماضي .... شعرت بذلك
ولفترة بسيطة اعتقدت اني ملاك ...
كان يجب ان انظر لمرآةحينها .... لأتأكد اني لست بيضاء ذات اجنحة ...
اكتب تلك السطور واليوم ليلة محاق....