لا أعلم لمَ فقدت القدرة على الحكي ؟ هل لأني دائماً أشعر أني شديدة الفقر بالتفاصيل المشوقة ؟ أم لأني دائما ما أتعامل مع أشخاص تفضل أن تكون الشخصية التي تحكي لا التي تسمع ؟
لمَ يتطلب مني أن أحمل تفاصيل مشوقة لأحكيها ؟ لم يتطلب مننا ان نحكي تفاصيل ممتعة ؟
كثيراً ما كنت أتمنى أن يتصل بي أحدهم وأستمر معه لمدة طويلة ندكر تفاصيل روتينية ...أو أن أظل على الخط دون حكي فعلي .. دون أي صوت .. أعتبر ذلك حديث فعلي .... !
أرى الأشخاص في حياتي كـ أوراق من الشجرة قد بدأت في التساقط فعلاً .. واحدة تلو الأخرى تذبل وتمضي ... تسقط من مخيلتي ، إلا إني لا أستطيع ان أدهسها بقدمي كـ أوراق الخريف .... فوج من البشر يأتي ويمضي على فترات متباعدة ... يكون شديد القرب لوهلة وينفر فجأة ، ما يثير دهشتني إني لا أشعر برغبة في معاودة الأتصال بأي شخص مر ... ولا أشعر بأي غبطة حين أرى رقم أحدهم ظهر على شاشة الهاتف بعد فترة انقطاع طويلة ... أعترف اني أيضاً أكون شديدة القرب من شخص فترة ومن ثم أبتعد فجأة دون مقدمات ...ربما خوفاً من التعلق الأعمى بشيء يذبل ويمضي أو ربما لأني لم أعرف مطلقاً أن أختزل العالم في شخصية أراها جديرة بأسراري...ربما لذلك أنا لا أحكي
كما لو كنت كرة معدنية شديدة الانسيابية ... أمر على المحطات دون توقف ... أو ربما تمر علي المحطات وأنا اقف أنتظر كـ محطة الأنتظار تماماً ... تعج بالبشر ..لكنها لم تكن يوماً مقصد أحدهم ! ...
ما أشعر به الآن أن قدماي شديدة الأنغماس بالأرضية من تحتي ... ملتحمة بها بالشمع الصلب ...أشعر إني شديدة البطء لدرجة السكون .. أشعر اني أبث وهن جم لأي بشر يحتك بي ...أشعر أن العالم كله يمضي بسرعة تفوق استيعابي ... واني أسير بسرعة وهمية في نظر من حولي ،وقوف وتعثر ... مهما كانت التفسيرات فأنا أرى أني ساكنة ... وإني أرى نفسي في نفس موضعي هذا بعد عدة أعوام ... بأيدي فارغة تماماً وأملك الكثير من " الاشيء " لأقدمه للعالم كـ عنوان لي .... إن كنت أنا البطيئة أم غيري هو السريع ... قسيمر الوقت لا محال ...
فأسوأ الأوضاع أن تكون عالقاً في المنتصف منغمس كلياً كـ الأشلاء في الفورملين .. أو أن تكون كذبابة ميتة على سطح كوب ماء... في الحالتين لن تعبر عن أي شيء سوى العجز ....