تتوالد العوامل الآن ف مخيلتي ، وعادة ما اخرج منها باللاشيء ... وعادة ما توصلني أيضاً للاشيء ، وللفراغ ... الآن أركان غرفتي كلها مبعثرة ، كأني احاول أن أبحث عن شيء وسط وتحت أكوام الركام ، وأن كان عقلي ، هو من فقدت
عقلي اليوم كان يعمل بشكل لا إرادي ، وكأن كل خلايا باتت مبطنة بالاستسلام ، والسلبية ، كل التفاصيل التي كنت أمر عليها مسبقاً ، تقاذفت على عيني بشكل شديد الغرابة اليوم ،
لم أقم بأي شيء غير عادي بالنسبة لي ، غادرت القاعة مسرعة كـ العادة وحاولت أن اتجنب كل النظرات التي تحيطني ، أستند بأقصى ميل إلى الحائط ، وأترك ذاتي منجرفة على الدرجات ، وأتسرب بسرعة ، من كل الفوضى والعبث المحيط الآن ... أدير السيارة ، وألاحظ كل التفاصيل التي باتت تثير في أنفي رائحة كريهة حقاً ، رائحة السفر ...
لا أعلم أن كنت حقاً أشتاق لكل تلك الطقوس منذ الآن ، ولا اعلم جدياً ما الذي أثارها الآن ... أركان اللوحة الآن شديدة الملل :صوت عقارب الساعة ، يذكرني بكل ثانية تمضي ، ... رائحة أكواب القهوة ، دوائر لزجة مصنوعة على أوراق تحوي معادلات كيميائية ، ضغط هائل من الكتب الدراسية ، أوراق مبعثرة في كل مكان تحوي رسوماً ورتوشاً أكثر مما تحوي كتابة ... وأنا ..!
الآن ، اعلم أني أسير وفق طرق لا اعلمها ، واتجنب أن أفقد التركيز ، لكن كل التقاصيل حولي تجعلني أتخيلها كمل لو كانت لن تلتقيني مجدداً ...
ماذا أفقتد الآن ؟ أيس كريم من باسكن روبنز .. ؟ كوب قهوة من سيلنترو ؟ رائحة المياة المالحة ، غرس قدمي في الرمال مع مياه البحر ؟أو ربما أشتقت لكل تلك الأوقات والساعات المتأخرة من الليل ، في الشرفة الطويلة مع صحبتها بكوب مياة غازية مثلج ونيكوتين بسيط ...؟
وأعود أنظر للمشاهد حولي ، لشكل بشرتي الحمراء من فرط الحرارة ، لذلك الشخص الرديء الذي يوبخ طفلة بجاني على دراجة نارية ، أو لتلك الأشارة الحمراء التي نست كيف هو اللون الأخضر ؟ ماذا أملك أنا الآن من صناعة أي ذكرى ؟ لا شيء... سوى العودة للخلف وأستحضار شريطي مرة أخرى
أشعر أن الشوارع كلها تمر من جانبي وانا ساكنة ، هي من تعود للوراء لست انا من أنطلق للأمام ، كل الأصوات حولي وأن كانت محذرة تلاشت تدريجياً ، كأني قمت بشفط الهواء وتركت العالم فراغاً ، فـ صعب على كل الأصوات الانتقال ، وبقي الصمت.
أعود الآن بهدوء ، وأتذكر كل الفروق التي كانت تسبب لي ضجراً عند الرحيل ، أن أستيقظ فأجد شكل الغرفة مختلف ، السقف أعلى قليلاُ أو منخفظ كثيراً ؟ الشرفة يميناً أو أمامي ؟ وكل تلك التفاصيل ،حتى حين أترك المنزل ، فيستقبلك أناس أخرون غير الذين أعتدهم صباحاً ... ! هنا مثلاً ، حين أصل للمنزل أستقبل الطاولة ، ألقي عليها أغراضي بعنف ، واتجه للغرفة .. هناك ، لاطاولة ، فقد المسند اليدوي لدرجاتي الهوائيةـ وعادة ما أترك حقيبتي معلقة عليها ، وأمضي ... أو ربما في المكان الآخر ، كنت أستند على المقعد وأترك عليه الحقيبة والمفاتيح والمعطف أيضاً ... كلها تفاصيل بسيطة ، لكن لا أعلم لم صرت اتذكرها وأقارن أي منهم تسببت في راحتي أكثر ،
كل تلك التفاصيل تتلاشى ببطء فلا تشعر بها إلا أن تعود مرة أخرى وتمارسها ... فـ حين تتغير ، تأخد معها رائحة دقيقة جدا وتترك هالات مبهمة ، من التفاصيل في ذاتك تصنع الذاكرة،، كل التفاصيل وأن بدوت صغيرة ، كـ شكل مفاتيح الكهرباء ف البيت، أو حلقة مفاتيحك الخاصة بالمنزل ، الأشخاص الذين يقطنون أمام منزلك ، وتتذكر أيضاً أن كانوا من النوع الذي يلقي التحية أم لا ، بل وكيف يلقونها ، شكل الطباخ ف المنزل ، أو مدى تكيفك مع فراشك الجديد القديم ، ترتيب القنوات في التلفاز ، وشكل الهاتف ،،الأرقام التي عليك أن تحفظها بشكل سريع ، وأن تلاحظ لسانك حين تنطق بالعملات أيضاً ، او ربما هي الطرقات ، وطريقة تأقلم رؤيتك لها ، ولمكان المنزل ولـ مفهوم المنزل في نظرك
كل تلك المدة ، كنت أقود السيارة ، وأنا أعلم أني أسير للا وجهة ، ربما أنا أضعت المنزل أو ربما أنا لا أرغب فيه بعد الآن ، ربما أنا تركت الأنعطاف المؤدي للمنزل عمداً ، أو ربما بداخلي لم أعتبره ذلك قط !
أعود وأتأمل شكل الهياكل حولي ، وكل خوف أن تكون ذكرياتي كلها تجمدت عند اللحظات ذاتها ، وجوه عابرة بضحكات أرى صورتها لكني لا أسمع لها دوياً ، أو ربما هي رائحة كل عطر لـ باريس هلتون أو جادور ... ترجر من لانكوم ؟ ، وطعم الأطباق الصينية التي كنا نعدها ليلاً ، كم الاتصالات المكثفة التي تنهال ، والأخبار السارة والحزينة التي لا تنقطع وأراقب ذاتي الآن ؟ ماذا املك ؟ كيان درجة حرارة جسده 38 ، يشاهد عالماُ من خلف الزجاج ، السيارة على وضع الانتظار ، وكـ العادة صف ثان
No comments:
Post a Comment