لا أعتقد أن هناك أجمل من أن نسمع أصواتنا لحظة التردد أو الخوف....حين تكثر الأصوات داخل عقلك ... وتترد عليك كل النبرات الممكنة ..بأحاديث لا نهائية عن كل ما يشغل خلايا عقلك ....
أرغب حقاً بأن أقوم برحلة لـ "دماغي " أبحث فيها بصدق وبصمت .. عن ما أرغب به حقاً ! ... كثيراً ما أشعر إني لست مهيئة لوجهة ما...بل إني مبرمجة على الشتات...ولا شيء سوى الشتات... أبعثر طاقاتي الايجابية والسلبية في جميع الاتجاهات..كـ الاشعاع ..كلما بعدت المسافة..زاد بعدي عن المحور ..الأصل ..عن نفسي ....
حقاً ...كل ما أرغب به ..أن يصمت العالم ، ويمارس دور الأخرس بشكل أبدي ..لأنصت أنا لصوتي الداخلي الخافت ... أحتاج لصمت ..فالصمت لغة فاخرة ..كـ كل شيء فاخر ..نادر ، ماذا لو اتلفت جهاز السمع الخاص بي؟ واحتميت من كل تلك الأصوات ؟ وباتت الأسواق كلها بالنسبة لي ..مشاهد مرئية فقط ...
أراقب السيارات تبتلع ضجة محركاتها...والأطفال يغضبون دون بكاء؟ ماذا لو كفت جميع نساء الأرض عن الثرثرة ، ؟
لمَ لا نعتمد فقط على ما نلمس من ايحاءات ؟ نظرة عين قط تكون كافية في بعض الأحيان ؟
ماذا عن الابتسامات؟
لم لا نعتمد على دلالاتها
لمَ لا نخرس أصوات ماكينات الخياطة ؟ ونستمتع بشكل المذياع دون ضجته؟
لمَ لا نحصل على الماء من الصنبور دون سماع صوت خريره؟
لمَ لا تتحول حياتنا لمسرح مرئي فقط .. ونتابع حياتنا بهدوء
دون طقطقة أحذية ؟ أو أزيز لمبات النيون ؟ أصوات موتور الثلاجة ؟ أو ضجة تكييف قديم ؟
دون ثرثرة غير مبررة على الهاتف ! أو صراخ نوبات عصبية مجنونة...
لمَ لا نمارس غضبنا بصمت... ؟ دون ضجة .. ؟
ماذا لو أمتنع بني آدم جميعهم عن الحديث... لمدة شهر واحد فقط ..تماماً كـ الصيام ؟ من الشروق حتى المغيب؟
لا دليل عن أهمية الحديث في استمرارية البشرية ..
ماذا لو تركنا الموتى يتحدثون؟ يتحدثون عنا ؟ أي أصوات ستصدر منهم؟
حتماً لعنات ألسنة تمنت الصمت أيضاً... أو ربما هي شكوى أتربتهم من الرتابة ..والملل
لمَ لا نمنع موجات الصوت من أن تمارس تضاغطاتها وتخلهلاتها على هواءنا ؟
فـ الهواء وجد للتنفس ..لا لـ نقل الضـــجـــة
أحتاج لصمت ...صمت تام ..
أحتاج لصمت .
حقاً
photography:
Pavel Kaplun
No comments:
Post a Comment