كنت أقوم بملء استمارة ما، حتى وجدت خانة علي ملؤها فيما يخص العرق، لائحة طويلة جداً. عجزت عن الاختيار او بمعنى أصح لم اجد الرغبة في ان يتم تصنيفي بناء على هذا البند، او ربما لم كن اعلم الى اي فئة انتمي،
في اخر اللائحة، كان هناك اختيار عن ما اذا كنت قد انتمي لفئة ما "مضطهدة " او " مهمشة " عمدا من قبل المجتمع.
رغبت حينها بشدة ان أجيب، لكن كنت اعلم ان لا وجود للإجابات كـ اجاباتي، اجابة تشبه كثيرا الشعور بالغربة لا الاضطهاد
الاضطهاد فعل عمد، اما الغربة فـهو شعور سلبي تنتجه النفس ذاتها. كنت اريد ان أتحدث عن هذا الشعور الشبيه بالاضطهاد غير المتعمد، بان تشعر انك مهدد، ووجودك مهدد، حين تشعر انه من المستحيل ان تجد شخص ما آخر يشاركك واقعك. ان تجد انك مضطهد بكل ما تؤمن به من أفكار وبكل ما تتبنى
كنت تريد ان اخبرهم كيف بدا لأمثالي من المستحيل ان يعبرو عن رأيهم في اي معتقد ديني كان او سياسي
كنت اريد ان اذكر كيف هو صعب جداً ان تتمسك بأفكارك الخاصة فيما يخص المساحة الشخصية ، او فيما يخص ما يتم من خلاله تعريفي كـ أنثى او كـ امرأة
كيف هو صعب جدا ان " تحافظ " على لياقة عقلك
امر يوميا تقريبا بلوحة إعلانات ، تذكر التعداد السكاني ، اتسآل كيف يمكن لهذا الرقم ان يتواجد حولي، فأشعر بالغربة المتزايدة يوميا
حين امر بتلك الملايين والاخط الوجوه المتكررة المختلفة يوميا، اشعر صدقا بالصغر، وحين اذكر الصغر فأنا اقصد صغر الحجم لا القلب
الانشقاق عن المسار يشيخ القلب، والغربة لا الاختيارية تجعل منك نسخة باهتة ، لا تتفاعل ، تلاحظ فقط.
امر يوميا بالحجم ذاته من الالم، المتسولين ، المشردين ، المختلين عقليا وحتى المختلفين
، أراه هو ذاته يومياً ،يحدث الفراغ وهو يتصبب عرقاً، يمسك بحذاء احدهم ويدلكه بعنف عله يبعث فيه رونقه من جديد.
اشعر بغصة تحتجز حنجرتي، احاول ان أتخيل حجم خيبة الأمل المتسببة فيه،
أتخيل عائلته ، وكيف كان ذلك الشخص في يوم ما طفل جميل يتمنى له الكل عام سعيد كل عام.